المدونة
كيف نطور قدراتنا على الصمود في وجه الانتكاسات أو الأخطاء أو الفشل
هل تذكر المرة الاخيرة التي ارتكبت فيها خطأ أو فشلت فيها في عمل شيء ما؟ كيف شعرت؟ وماذا كان رد فعلك؟ وكيف واجهت الامر؟
في الشهر الماضي، عندما تناولنا موضوع العقلية النامية، تطرقنا بإيجاز إلى قيمة قبول الفشل والأخطاء كجزء من نمونا. في هذا الشهر، سنتعلم المزيد عن هذا الموضوع من خلال عمل الدكتورة " برينيه براون". في كتابها "النهوض بقوة" Rising Strong))، تناولت الدكتورة "براون" موضوع بناء المرونة والقدره على الصمود في مواجهة النكسات التي نقع فيها، بحيث يمكننا العودة والتعلم من التجربة والاستمرار في المضي قدمًا.
اغلبنا لا يسعه انكارعدم ارتياحه من مجرد فكرة وقوعه في الفشل، فالفشل سيضطره الى مواجهة اخطائه الناتجة عنه، والتي تشكل بدورها تحديًا حقيقيًا له، وذلك لان الفشل، غالبًا، ما يؤدي بصاحبه إلى الشعور بالخزي، أو الشعور بالذنب، أو الغضب، أو الإحراج، وربما الندم، أو كلها مجتمعة. ومن الممكن للفشل ان يجعلنا نتعامل مع انفسنا، أو مع الآخرين، بشكل سلبي، ومن الممكن، أيضًا، ان يقودنا إلى عواقب وخيمة يصعب تقبلها أو التعامل معها.
مع ذلك، تجدر الاشارة الى ان فهمنا لقدرتنا كأفراد على التعلم والنمو، سيجعلنا ندرك باننا في حالة "عمل مستمر"، نمارس من خلاله تجارب جديدة، ويؤدي بنا ذلك الى الوقوع في الأخطاء، وحتى الفشل في بعض الاحيان. هذه الامور، أي التجربة والخطأ والفشل، تلعب دورًا أساسيًا في تعلمنا وتطورنا بل ونجاحنا في نهاية المطاف. لهذا السبب أعتقد أن عملية "النهوض بقوة" والتي طورتها الدكتورة " برينيه براون " هي عملية قيّمة للغاية لأنها توفر لنا خارطة طريق للتغلب على الأخطاء والتحديات.
دعونا نلقي نظرة على الخطوات التي يجب اتباعها، وذلك عندما نشعرأننا فشلنا أو ارتكبنا خطأ ما، ونرى ما يمكن أن نتعلمه منها:
الخطوة الأولى: المحاسبة الذاتية
تبدأ الخطوة الأولى عندما نقوم بملاحظة مرورنا برد فعل عاطفي نتيجة موقف محدد، ومعرفة ما إذا كان قد تم تحفيزنا عاطفياً أو إذا تأذت مشاعرنا. بمجرد ادراكنا لهذه المشاعر، سنشعر بالفضول بشأن ما حدث؟ بماذا نشعر؟ ولماذا؟ وكيف تؤثر هذه المشاعر على أفكارنا وسلوكياتنا؟
يمكن ايضًا، أن نسأل أنفسنا اسئلة أكثر تحديدًا، مثلاً:
• لماذا اقسو على نفسي الى هذا الحدّ؟
• ما الذي يجعل الغضب يتملكني؟
• لماذا ينفذ صبري اليوم بسرعة مع الاولاد؟
قد تبدو هذه الخطوة سهلة، ولكن الكثير من الناس قد يجدون صعوبة في الإدراك أنهم أثيروا عاطفياً وفي بعض الأحيان لا يدركوا أنهم منفعلون الا بعد ان يفقدوا صبرهم ويتعاملوا مع الاخرين بشكل سلبي. هذا الامر يؤكد ان تطوير وعينا العاطفي هو أمر حيوي وضروري.
من أجل تغيير طريقة رد فعلنا وتعاملنا مع الصعوبات، علينا أولاً أن نلاحظ كيف نتفاعل معها، وما هي المشاعر التي تثيرها فينا، وأن نشعر بالفضول بشأن سبب تعاملنا معها بهذه الطريقة، وبعدها نقرر كيف نود أن نستجيب لها بشكل مختلف للمضي قدمًا، وهذا يقودنا إلى الخطوة التالية.
الخطوة الثانية: الوعي (او الاكتشاف)
تتعلق الخطوة التالية بفهم ما حدث لنا، وكشف النقاب عنه، وعمّا هو حقيقي وعمًّا ليس حقيقيًا في القصص التي نخبر انفسنا بها حول الصراع الذي نمر به. هذه القصص عبارة عن محادثات في رؤوسنا تساعدنا على فهم الأشياء، وعادة ما تكون بعيدة عن الحقيقة كل البعد. أحياناً نقوم باختلاقها من اجل ايجاد مبررات لأخطائنا، أو كعاده سلبيه لإحباط أنفسنا، او ذريعة نستعملها من اجل القاء اللوم على الآخرين.
وفقًا للدكتورة "براون"، يعد تكوين القصص عندما نتأذى بدون ان تكون لدينا الصورة كاملة، جزءًا من غرائز بقائنا، فبدلاً من الاعتماد على الحقائق من أجل ان نكمل الصورة، غالباً ما نميل إلى الاعتماد على الفرضيات والمعتقدات التي لدينا عن أنفسنا أو وضعنا أو الأشخاص الآخرين المعنيين.
لذلك، نحتاج إلى أن نكون على دراية تامّة بالقصص التي نرويها لأنفسنا عن كفاحنا، كذلك نحتاج إلى أن نكون صادقين وفضوليين ونتحلى بالشجاعة اللازمة من اجل تحدي هذه القصص، ومعرفة ما حدث وما لم يحدث، وما هو حقيقي وما هو غير ذلك. للوصول الى هذا، تقترح الدكتورة "براون" طرح الأسئلة التالية على أنفسنا:
• "ماذا حدث؟ وما الذي يمكننا أن نتعلمه من هذا الموقف؟"
• "ما الذي يمكن أن نتعلمه عن الأشخاص المشاركين في الامر؟ وهل هناك أي شيء نحتاج إلى توضيحه؟"
• "ما الذي يمكن أن نتعلمه عن أنفسنا؟ ما الذي يكمن وراء ردة فعلي؟ ما الذي أشعر به حقًا؟ وما هو الدور الذي لعبته في هذا الامر؟"
الفرق الذي سنجده بين القصص التي نقصها لأنفسنا عن تجربتنا، وبين الحقيقة الفعلية التي سنكتشفها، هو "مربط الفرس" حيث انه المكان الذي يحدث فيه التعلم الأساسي من هذه التجربة. عندها فقط يمكننا التعرف على دورنا الفعلي الذي اديناه في هذا الامر، كما يمكننا معرفة ما يتعين علينا القيام به بعد ذلك، ومواجهة المشكلة، والتعلم منها، ومن ثم التغلب عليها.
الخطوة الثالثة: التغيير الجذري
الخطوة الأخيرة، هي تحويل هذه الطريقة إلى ممارسة دائمة. إن اتباع عملية "النهوض بقوة" سيؤدي الى تغيير طريقة مواجهتنا للتحديات، ولكن عندما نقوم بتحويلها إلى ممارسة يومية للتفكير في عواطفنا وقصصنا، بحيث تصبح الطريقة التي نتفاعل بها مع العالم، سيُحدث هذا، في النهاية، ما تسميه الدكتورة براون "تغييرًا ثوريًا" له أكبر الاثر على أنفسنا وعلى الأشخاص من حولنا.
لذا، لنعمل هذا الشهر عندما نواجه انتكاسة ما، على تمرين انفسنا، وبناء قدرتنا على الصمود، والتعرف على التأثير الذي يمكن أن يحدثه ذلك على حياتنا وعلى حياة الأشخاص المحيطين بنا.
إذا كنت ترغب في معرفة المزيد حول هذا الموضوع، فإنني أوصي بشدة على قراءة كتاب الدكتورة "برينيه براون" Rising Strong (والذي ترجم للغة العبرية לקום מחוזקים).
بإخلاص
رشا عفيفي-تلّي
مدربة متخصصة CPCC, ACC, INHC
اعجاب تعليق
اعجاب تعليق
اعجاب تعليق
اعجاب تعليق