المدونة
اضاءة نورنا الداخلي اكتشاف ذاتنا
ما هو الوعي الذاتي؟
تخيل أنك وجدت نفسك فجأة في غرفة مظلمة ولا تعرف ما بداخلها، ولم تره من قبل. وأنه ليست لديك ادنى فكرة عن كيفية وصولك إليه أو حتى ما الذي يحيط بك.
الآن، تخيل أن الأضواء أضيئت لدقيقة واحدة. خلال هذه الدقيقة ستكون لديك الامكانية لاستيعاب ما يحيط بك، ومعرفة مكانك داخل الغرفة، ورؤية ما يدور حولك. حتى لو أطفأت الأنوار مرة أخرى، فلن تنسى ما شاهدته وتعلمته للتو. هذا التشبيه، المأخوذ من عالم التدريب التعاوني النشط “Co-active Coaching” ، جاء من اجل وصف ما يحدث عند اكتساب "الوعي".
يحدث الوعي الذاتي عندما نحول تركيزنا إلى داخل أنفسنا، وننظر اليها بموضوعية ووضوح تام. إنه عبارة عن قدرتنا على ملاحظة مشاعرنا وأفكارنا وسلوكياتنا، وإدراك ما إذا كانت تتماشى مع قيمنا ومن نحن عليه، أم لا.
من خلال تعليمي وعملي في التدريب، أدركت بشكل كبير ما هي قيمة تطوير الوعي الذاتي ورفعه الى درجة عالية.
لكي نتطور ونحسن قدراتنا ونحدث تغييرًا حقيقيًا، علينا ان نكون مدركين لذاتنا، كما ونحتاج إلى التواصل مع قيمنا، والتعرف على نقاط قوتنا ونقوم بتحديد صراعاتنا، وملاحظة محفزاتنا، وأنماط سلوكنا، ومعرفة ما يدفعنا إلى المضي قدمًا وما يؤدي الى اعاقة مسيرتنا.
يساعدنا بناء هذا المستوى العالي من الوعي الذاتي، على ان نعيش حياتنا بشكل أكثر أصالة وأكثرتلائما مع أنفسنا ، ويمهد لنا الطريق للتقدم وللقيام بالعمل المطلوب منا لتطوير ذاتنا. كما ويؤدي ذلك الى تحسين وإجراء تغييرات في كيفية أدائنا في العمل وكيفية تواصلنا وتفاعلنا في علاقاتنا. إنه يمنحنا الفرصة للارتقاء إلى مستوى إمكانياتنا الحقيقية.
بدون تنمية وتطوير وعينا الذاتي، غالبًا ما سنجد أنفسنا نخمن كثيرًا، ونمضي مع التيار، ونتخذ قرارات بناءً على المشاعر الغريزية، بينما نتساءل عن استمرارنا في ارتكاب نفس الأخطاء.
5 طرق لزيادة الوعي الذاتي
من المهم أن نفهم، أن الوصول الى الوعي الذاتي العالي يتطلب منا عملاً وممارسة يومية. هنالك العديد من الطرق المختلفة من اجل تحسين وعينا الذاتي، أما المفتاح لذلك فهو ضبط هذه الطرق، والانتباه عند سلوكها، مع المحافظة على الفضول الذي يؤدي الى ايجادها.
الاقتراحات التالية هي بعض الممارسات البسيطة التي يمكنك القيام بها في كثير من الأحيان بمفردك، والتي ستكون مفيدة في تحسين وعيك الذاتي مع مرور الوقت.
1. توقف للتفكير
اجعل لنفسك عادة يومية للتوقف والتفكير في ما مر عليك خلال اليوم. تعرف على أفكارك ومشاعرك وسلوكياتك ولاحظ ما إذا كانت أفعالك في ذلك اليوم تتماشى مع قيمك.
2. احتفظ بيومياتك
قم بإنشاء تمرين يومي مدته 10 دقائق لكتابة أفكارك على الورق، وتصفية ذهنك في نهاية كل يوم. يمكن أن تكون عملية كتابة أفكارنا ومشاعرنا مفيدة للغاية. إنها طريقة صحية لفهم الأشياء ومعالجة احاسيسنا واكتساب المزيد من الوضوح.
3. ركّز على حاضرك
طورعادة التوقف للتركيز على نفسك في اللحظة الحالية وعش لحظة الحاضر، ولاحظ كيف تشعر عاطفيًا وجسديًا. قد تجد أنه من المفيد الانتباه إلى أنفاسك والتركيز عليها لبضع دقائق.
يمكنك أيضًا اختيار نشاط تستمتع به يساعدك على الاسترخاء. من الممكن أن يكون شيئًا بسيطًا مثل المشي أو البستنة أو الرسم أو الطهي. إذا اخترت القيام بذلك، لاحظ متى تبدأ أفكارك في الانجراف وأعدها إلى اللحظة الحالية.
• لاحظ ما تشعر به جسديًا (وأنت تمشي وتتنفس في الهواء الطلق).
• لاحظ الطبيعة من حولك, الأصوات والألوان.
• لاحظ ما تشعر به.
4. خذ استراحة من الاجهزه الإلكترونية
حاول أخذ إجازة من جميع الأجهزة الإلكترونية. خصص لذلك، يومًا أو بضع ساعات في الأسبوع حيث تقوم بإيقاف تشغيل جميع أجهزتك.
اذهب في نزهة بدون هاتفك، أو اقضِ أمسية مع العائلة دون أي إلهاء، حيث يمكنك خلالها اختيار لعب الورق، أو إجراء محادثات شيقة، أو الطهي مع أحد او اكثر من افراد العائلة. هذه الفعاليات من شأنها ان تجعلك تلاحظ الفرق. ستندهش حتما من مدى تشتيت الإلكترونيات للافكار، ومدى تأثيرها الكبير على قدرتنا على التواجد في تجاربنا وعلاقاتنا.
5. تقبل تعليقات من أشخاص موثوق بهم
طلب تعليقات من أحبائك أو زملائك الموثوق بهم، يمكن اعتباره طريقة رائعة لمعرفة المزيد عن نفسك، وكيف ينظر إليك الآخرون. دعهم يعرفون أنك تعمل على تحسين نفسك، وسيكون رأيهم الصادق مفيدًا للغاية. حافظ على قلبك وعقلك منفتحين لتلقي تعليقاتهم بموضوعية ودون حساسية، وانظر ما يمكنك تعلمه منها.
هذه الاقتراحات الخمسة، ليست الا شيئًا بسيطًا من الأشياء المتعددة التي يمكنك القيام بها يوميًا، من اجل تحسين وعيك الذاتي.
جرّب، هذه الاقتراحات، وانظر ما إذا كنت ستلاحظ أي فرق في حياتك. ربما ستكتشف بعدها، شيئًا جديدًا عن نفسك أو ستجد أنك تشعر بتوتر أقل وانك اصبحت أكثر استرخاءً. هذه الممارسات لا تساعد فقط على زيادة وعينا الذاتي، بل ان بعضها يعد أيضًا طريقة رائعة لإدارة وتقليل التوترفي حياتنا اليومية. لذلك ادعوك الى تجربتها.
بإخلاص
رشا عفيفي-تلّي
مدربة متخصصة CPCC, ACC, INHC
