المدونة


الفوضى الجميلة

עברית אנגלית 

 "الأبوة أوالأمومة ستعلمك عن نفسك أكثر من أي تجربة أخرى في الحياة، اذا سمحت لها بذلك". أذكر أنني عندما سمعت هذه الكلمات لأول مرة، كنت أفكر في مدى عمقها، ولكني لم أدرك مدى التحدي والتغيير الذي سيحدث لي. لقد استغرق الأمر مني سنوات لأرى مقدار الحكمة في هذه الجملة البسيطة. الحياة بشكل عام، وليس الأبوة والأمومة فقط، هي أكبر معلم لنا - إذا سمحنا لها بذلك فقط.


مع مرور الوقت، أدركت أن المفتاح الذي يلزم من أجل استيعاب الدروس والحكم التي تقدمها لنا الحياة، يكمن في هذا الجزء من الجملة: "إذا سمحت بذلك". ما يعني ان ذلك يعتمد على مدى استعدادنا للفشل والتعلم، ومدى انفتاحنا على التغيير والتطور. إذا لم نكن مستعدين لذلك، فاننا لن نتعلم بما فيه الكفاية.


في منشور هذه المدونة، أردت ان اشارككم في بعض دروس الحياة التي تعلمتها على مر السنين. آمل أن تجدوها مفيدة لكم، بنفس قدر الفائدة التي جنيتها منها، وأن تضيف لكم شيئًا كما أضافت لي.


نحن في حالة تطور مستمرة


حالما نعتقد أننا توصلنا إلى مفهوم الحياة، فإنها تلقي علينا شيئًا جديدًا، عندها ندرك أنه لا يزال هناك عمل يتعين علينا القيام به ودروس لنتعلمها. غالبًا ما ندخل في تجارب الحياة مع افتراضات أو توقعات معينة، تجعلنا نعرض أنفسنا، في كثير من الاحيان، الى خيبات أمل، وتحد من فرصنا في التعلم والتطور. على مر السنين، وجدت أن تبني عقلية "الطالب الجديد" يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا. عندما ندخل في تجارب جديدة ونختار أن نكون فضوليين ومستعدين للاستماع والمراقبة، فإننا نسمح لأنفسنا بالبقاء منفتحين على التعلم والتغيير والتطور في نهاية المطاف.

اشعروا بمشاعركم

المشاعر ليست رمزًا للضعف أو شيئًا يجعلك تشعر بالحرج تجاهه أو عليك تجنبه. على العكس من ذلك، فإن الشعور والتعبير عن المشاعر، تعد من أهم المهارات التي يمكننا تطويرها في انفسنا او لدى اطفالنا. هذا ما يميزنا كبشر. الأشخاص الذين يتعرفون على مشاعرهم، ويعبرون عنها بطريقة صحية، يكونون أقوى عقليًا وعاطفيًا واجتماعيًا. إنهم أفضل في التواصل مع الاخرين، ولديهم علاقات أفضل من غيرهم، وهم انجح مهنيا. لذا، دعونا نمنح أنفسنا الإذن بالتعبير عن مشاعرنا، وليس كبتها، وسوف نلاحظ الفرق الذي يحدثه هذا الامرعلى حياتنا.

احذروا من الخوف

الخوف العقلاني ضروري لبقائنا، فنحن نحتاجه عندما نواجه خطرًا أو تهديدًا حقيقيًا، ويساعدنا على البقاء في حالة تأهب وحذر عند حصول الخطر. مع ذلك، من الممكن أن يكون الخوف خادعًا ومسيطرًا أو ذا وجهين. عندما يكون الخوف غير عقلاني، يمكن أن يمنعنا من المحاولة، ويجعلنا نعتقد أننا غير قادرين على فعل الأشياء، فنحجم عن البحث عن الفرص او اغتنامها. يمكن، للخوف الغير عقلاني، أن يمنعنا من تحقيق أحلامنا أو حتى من مجرد ان نحلم. كذلك يمكنه أن يجعلنا نكبح الأشخاص الذين نحبهم كثيرًا، من منطلق اعتقادنا الخاطئ بأننا نحميهم أو نحافظ عليهم.


يلعب الخوف دورًا هامًا في تربية أطفالنا. وفقًا للدكتور "شيفالي تساباري"، الخبيرة المعروفة عالميًا في الأبوة والأمومة، فإن معظم الآباء والامهات يميلون دون وعي إلى تربية أطفالهم من منطلق الخوف عليهم، كالخوف على مستقبلهم، أو الخوف على صحتهم، أو الخوف من التأثيرات السلبية عليهم، والقائمة تطول.
بطبيعة الحال، نحن نحب أطفالنا ونخاف عليهم، ولكن علينا أن نفكر إلى أي مدى هذا الخوف يحدهم ويحد من إمكاناتهم؟ كم مرة نقول لا، بسبب مخاوفنا غير المنطقية؟ ما مقدار خوفنا الذي نضعه فيهم؟ هل نمنحهم المساحة التي يحتاجون إليها للنمو، أم أننا نعلمهم أن يظلوا محدودين، ويبقوا في اماكنهم؟

هذا الدرس هو أحد أكثر الدروس تحديًا في هذه القائمة. البداية الجيدة هي أن نحاول ونلاحظ متى يكون الخوف هو مصدر أفعالنا أو سلوكياتنا، وإذا كان كذلك ، فعلينا ان نسأل أنفسنا:
- إذا وضعنا الخوف جانبًا، هل كنا سنتصرف بشكل مختلف؟
- إذا أخرجنا الخوف من هذه المحادثة، فكيف سيكون الرد؟ ماذا سنقول او سنفعل؟

تعاطفوا مع انفسكم

ذكّرتني صديقة عزيزة مؤخرًا بقيمة ممارسة اللطف والتعاطف مع أنفسنا. عندما تصبح الأمور صعبة، أو نجد أنفسنا في موقف صعب، يجب أن نتذكر أن نتنفس. الفعل البسيط المتمثل في قضاء بعض الوقت في التنفس، هو استراحة ذهنية وجسدية تساعدنا على الابتعاد عن الحالة التي نحن فيهاـ فعل ذلك يسمح لنا بالقيام بمعالجة مشاعرنا، والتحقق منها، وملاحظة ما نحتاجه أكثر في تلك اللحظة، ثم يمكننا من تحديد خطواتنا وإجراءاتنا التالية بذهن أصفى. بهذه الطريقة، نختار الاستجابة بدلاً من الرد.

باختصار، الحياة عبارة عن فوضى جميلة، إذا سمحنا لها، فسوف تعلمنا معنى العيش بشكل كامل. إذا سمحنا لها، فسوف تقودنا إلى أن نصبح أفضل ما يمكن أن نكونه لأنفسنا ولأحبائنا. إذا سمحنا لها، فسوف تعلمنا كل ما نحتاج إلى معرفته عن أنفسنا. السؤال هو، هل نحن على استعداد للسماح لها بذلك؟

 

بإخلاص

رشا عفيفي-تلّي
مدربة متخصصة

ACC, CPCC, INHC, ORSC 


تعليقات

20.04.2022 نزار شاما قال/ت:
مقال جدا رائع لكن للاسف يحاكي دنيا غير الدنيا التي نعيش فيها .... اذا تكلمنا عن الخوف:خوفنا على اولادنا فهو نابع من الواقع المرير الذي نعيش فيه لو اردنا ان نبقي اولادنا بالمنزل من دافع الخوف عليهم نضمن عيشهم ولا نضمن مستقبلهم والعكس صحيح ... ان نقول لشخص لا تخاف او انسى الخوف فهذه الكلمات ليست سحر بمجرد قولها يعني زالت بل بالعكس ممكن ان يزداد الخوف .... اما اذا تكلمنا عن ان الحياه فوضى جميلة :نعم انها فوضى جميلة لكن للأسف اخذنا كلمة فوضى وعشنا فيها ونسينا كلمة جميلة حتى لو سمحت لنا فنحن البشر من لا يسمح لها ان تكون جميلة... نعيش في غابة للاسف اما ان تكون قويا وان تدافع عن ابنائك بشتى الطرق حتى لو ابقائهم من حولنا خير من تركهن في هذه الحياة ليتخبطوا ويعيشون المر الذي لا نريدهم ان يعرفوه او على الاقل في هذا الجيل المبكر ....للاسف هذا هو الواقع

اعجاب تعليق

20.04.2022 ولاء نفاع قال/ت:
‎ ‎كان هناك شخص إسمه '" المنطق "' ‎والثاني إسمه '" القدر " .. ‎راكبين السيارة فى سفر طويل .. ‎و بنصف الطريق خلص منهم البنزين . ‎وحاولا أن يكملوا طريقهم مشياً على الأقدام قبل أن يحل الليل عليهم .. ‎فحاولا أن يجدا مأوى ولكن بدون جدوى ‎فقرر المنطق أن ينام بجانب شجرة ‎أما القدر فقرر أن ينام بمنتصف الشارع . ‎فقال له المنطق : مجنون ! سوف تعرض نفسك للموت . ‎من الممكن أن تأتي سيارة وتدهسك ‎فقال له القدر : ومن الممكن أن تأتي سيارة فتراني وتنقذنا ! ‎وفعلاً نام المنطق تحت الشجرة والقدر بمنتصف الشارع ‎بعد ساعة جاءت سيارة كبيره ومسرعة ‎ولما رأت شخص بمنتصف الشارع حاولت التوقف . . ‎ولكن لم تستطع .. ‎فانحرفت بإتجاه الشجرة .. ‎ودهست المنطق ‎وعاش القدر ‎وهذا هو الواقع ، ‎القدر يلعب دوره مع الناس أحياناً ‎على الرغم من أنه مخالف ‎للمنطق لأنه نصيبهم .. ‎_ فعسى تأخيرك عن سفر خير ‎_ وعسى حرمانك من رزق بركه ‎_ وعسى ردك عن وظيفه مصلحه ‎_ وعسى حرمانك من طفل خير ‎_ وعسى أن تكرھوا شيئاً وهو خيرٌ لكم ‎•• لأن الله تعالى يعلم وأنت لا تعلم ••

اعجاب تعليق

20.04.2022 فريد شحاده مسعود قال/ت:
مع اني من العمر على ابواب الستين إلا اني تعلمت شيئآ جديدآ بهذا المقال.ورأيتُ بعض السلبيات التي يجب علي تصحيحها بكل التقدير والاحترام ......شكرآ

اعجاب تعليق

20.04.2022 اياد عزام قال/ت:
فعلا الحياة عبارة عن فوضى جمبلة، بل الكون والنجوم والكواكب هي عبارة عن فوضى جميلة، ابدعت اختي رشا، شكرا

اعجاب تعليق

20.04.2022 مروان قال/ت:
جميل جداً.

اعجاب تعليق

21.04.2022 مشيل عيس قال/ت:
يا لها من فوضه جميله لكن يا اسفاه داءما الظروف اقوى من كل شيء راءي الشخصي

اعجاب تعليق

21.04.2022 محمد حجيرات قال/ت:
قصه معبره فيها عبر مفيده على مجريات الحياه اليوميه كل احترام .

اعجاب تعليق

21.04.2022 ميرنا بشارات قال/ت:
مقال اكثر من رائع

اعجاب تعليق