المدونة
احتياجنا للراحة
إنّ فهم قيمة الراحة وتحديد نوعها هو أمر ضروريٌ جداً في وقتنا الحالي، أكثر من أيّ وقت مضى. وذلك لأن العيش بخُطى سريعة مع ظروف الحياة المُتَطلِّبة، واستخدامنا المستمر للتكنولوجيا والهواتف الذكيّة – ما يجعلنا مُتاحين على مدار 24/7 – يجعل الكثير منّا يشعر بالإرهاق، والتعب، والتوتّر.
الكثير من الأبحاث التي أُجريت على مرّ السنين توضّح مدى أهميّة الراحة بالنسبة لنا, بحيث تمّ ربط دمج لحظات الراحة في جداولنا اليوميّة بتقليل التوتّر، وتحسين الإنتاجيّة، وتعزيز الإبداع، وتحسين المناعة والصحّة البدنية والعقليّة بشكلٍ عامّ.
يدعوك هذا المنشور ، للنظر عن قرب إلى المقدار الذي تلعب فيه الراحة دورًا في حياتك.
7 أنواع من الراحة
نميل إلى الافتراض بأنّ الحلّ للتعب هو المزيٍد من النوم، لكنّ ذلك ليس صحيحًا دائمًا, إذ أنّ التعرّف على مصدر استنفاد طاقتنا ونوع الراحة التي نحتاجها هو أمر ضروريّ للتعافي. عندما بحثت أكثر في هذا الموضوع، صادفت عمل د. سوندرا دالتون-سميث، وهي طبيبة وباحثة والتي أدّت تجربتها الشخصيّة بموضوع الإرهاق الشديد إلى رحلة طويلة من دراسة التعب والراحة. على مرّ السنين، طوّرت د. دالتون-سميث نظريّة مفادها أنّ هنالك سبعة أنواع رئيسيّة من الراحة التي نحتاجها جميعًا كي نستشعر معنى الحياة . دعونا نلقي نظرة على هذه الأنواع السبعة من الراحة:
الراحة الجسديّة
الراحة الجسديّة هي أكثر أنواع الراحة شيوعًا في هذه القائمة. بحيث يمكن أن تكون خاملة، مثل أخذ قيلولة وخلق عادات نوم أفضل. أو أن تكون نشطة، مثل القيام بتمارين خفيفة، أو التمدّد، أو ممارسة اليوغا، أو المشي، أو أيّ نشاط آخر يحسّن من صحتنا البدنيّة.
عادةً، يمكننا أن نعرف متى نكون بحاجة إلى الراحة الجسديّة من خلال الشعور بقلّة النوم، وبعض الآلام والأوجاع في أجسامنا.
الراحة الذهنيّة
تشتيت انتباهنا بسهولة، أو الشعور بالإرهاق الذهنيّ، أو استغراق وقت أطول لإكمال المهام، أو إيجاد صعوبة في تهدئة عقولنا في الليل قبل النوم، هي علامات تدُل على أنّنا قد نحتاج إلى الراحة الذهنيّة. من الممكن أن يؤدّي العمل على أجهزة الحاسوب لساعات طويلة إلى الإرهاق الذهنيّ. إحدى الطرق لمساعدتنا على الراحة الذهنيّة هي تحديد فترات استراحة أثناء القيام بمهامنا المختلفة جداول أعمالنا اليوميّة،. عند القيام بذلك، نستطيع تحسين تركيزنا وزيادة إنتاجيّتنا. طريقة أخرى للحصول على الراحة الذهنيّة هي تطوير عادة تدوين أفكارنا ، ممّا يساعدنا على تصفية أذهاننا وتهدئتها، خاصّة قبل النوم.
الراحة الاجتماعيّة
الشعور بالإرهاق من التفاعل مع الآخرين أو أفكار مثل "أحتاج إلى بعض الوقت لنفسي"، يشيرون إلى أنّنا بحاجة إلى الراحة الاجتماعيّة. نحن نميل إلى صبّ طاقتنا في علاقاتنا المختلفة، وبعضها يستنفد طاقتنا أكثر ممّا يزيد منها. في هذه الحالة، نشعر بالاستنزاف والإرهاق اجتماعيًّا. قوموا بتقييم علاقاتكم ولاحظوا مقدار الطاقة التي تأخذها العلاقات المختلفة منكم. لاحظوا أيّ العلاقات أو التفاعلات تُمكّنكم من الاسترخاء والاستمتاع فيها، وأيّ منها لا يتطلب منكم الكثير ، سوى رفقتكم . عادةً، هذه هي العلاقات التي تمدّكم بالراحة الاجتماعيّة, ومعرفتها هو ما يساعدكم في تحديد أفضل السبل لقضاء وقتكم، واختيار مع من ستقضوه. ن .
الراحة الروحانيّة
تدور الراحة الروحانيّة حول الشعور بأنّنا ننتمي إلى شيء أكبر منّا. نحتاج إلى الراحة الروحانيّة عندما نشعر بنقص الانتماء وعدم وجود غاية. يمكننا أن نرتاح روحانيّا من خلال إيجاد معنى لما نقوم به، أو استكشاف ما نؤمن بها، أو التواصل مع الآخرين من أجل مهمّة أسمى منّا.
الراحة العاطفيّة
غالباً, نحتاج إلى الراحة العاطفيّة عندما نشعر بأنه ليس باستطاعتنا أن نكون صادقين أو حقيقييّن مع مشاعرنا، أو أن لا نكون قادرين على التعبير عنها بحريّة. ينتهي بنا الأمر بالشعور بالإرهاق والتوتّر والانفعال لأنّنا غير قادرين على مشاركة ما نشعر به حقًّا مع الآخرين. مثلًا، أن نوافق على القيام بأمورٍ لا نريد القيام بها. بعض الطرق التي تساعدنا للحصول على الراحة العاطفيّة هي تطوير قابليتنا على التعامل مع المشاعر الصعبة، أو التمرين على التعبير عن مشاعرنا بصدقٍ، أو تدوين هذه المشاعر في مذكّرات، أو مشاركتها مع صديق موثوق به.
الراحة الحسّيّة
إنّ فرط الضغط الحسيّ هو صراع حقيقيّ للكثيرين منّا في الوقت الحاضر. نحن نعيش في وقتٍ نتلقّى فيه باستمرار تغذية حسّيّة، سواءً كنّا مدركين لها أم لا. نتعرّض بانتظام للضوضاء العالية والشاشات الساطعة والإشعارات المستمرّة على أجهزتنا، ناهيك عن البلدات المزدحمة التي نعيش فيها. كلّ هذا يجعلنا نشعر بفرط التنبيه وسهولة الانفعال، والغضب، والهيجان، والعدوانيّة. بعض الطرق للحصول على الراحة الحسّيّة هي أخذ الكثير من فترات الراحة من التكنولوجيا، وإيقاف تشغيل الإشعارات على أجهزتنا، والخروج إلى نزهات هادئة في الطبيعة، وممارسة التأمّل.
الراحة الإبداعيّة
نحن بحاجة إلى الراحة الإبداعيّة عندما نلاحظ بأنّنا عالقون، غير قادرين على أن نكون مبتكرين، أو نأتي بأفكار جديدة، أو نحلّ المشكلات. بعض الطرق التي يمكننا من خلالها الحصول على الراحة الإبداعيّة وعدم التعثّر هي أخذ قسط من الراحة وتجربة شيء آخر مُغاير، أو القيام بنشاط ممتع ، أو قضاء بعض الوقت في الطبيعة. بهذه الطريقة، يمكننا تقليل الإجهاد، واكتساب المزيد من الوضوح، وجهات نظر جديدة، وبعض من الإلهام.
ختامًا
يقع على عاتقنا أن نتحقّق مع أنفسنا وأن نلاحظ من أين يأتي تعبنا من أجل اختيار نوع الراحة التي نحتاجه. عند القيام بذلك، سنشعر بمزيد من الشحن والانتعاش. إن إعطاء الأولويّة للراحة وخلق فرص لوضع المزيد من أنشطة الراحة في جداولنا اليومية سيحسّن جودة حياتنا. نظرًا لأننا على وشك العودة إلى حياتنا المزدحمة، فأود أن أشجعكم على التفكير في مدى قدرتكم على إعطاء الأولوية للراحة في حياتكم. لاحظوا نوع الراحة التي تحتاجون له وحدّدوا الخطوات الصغيرة التي يمكنكم اتخاذها اليوم لمساعدتكم على إعادة الشحن والاستراحة.
بإخلاص،
رشا عفيفي تلّي
مدربة إداريين
CPCC، ACC، ORSC